لازالت المجتمعات العربية تعانى سلبيات التطور التكنولوجى الذى ينجرف وراءه الفتيات والشباب دون وعى، ما يتسبب فى حبس البعض بعد اتهامهم بهدم القيم الأسرية، مثلما حدث مع "حنين حسام، ومودة الأدهم، وسما المصرى" وغيرهن، ولكن على ما يبدو أن تلك العقوبات تحتاج إلى مزيد من التغليظ لتصبح أكثر ردعا، خاصة بعد ظهور عدد من الشباب على حساباتهم الشخصية "فيس بوك" و"تويتر" يدعون للشذوذ والرذيلة من خلال ارتداء الملابس النسائية ووضع مكياج على وجوههم بدعوى صناعة "الميك أب أو المساج"، فهذه الوقائع تكشف مخطط ضرب القيم الأسرية للمجتمع المصرى.
وفى الحقيقة إذا خالف الإنسان فى أساس تكوينه وانقلب نسخا بين الذكورة والأنوثة، وانتشر بذلك فى الآفاق سيكون ذلك الفعل وبالا على نفسه وأسرته ومجتمعه، ظهور هؤلاء الشباب على السطح تسبب فى تقديم بلاغات للنيابة العامة قُيدت برقم 1415 لسنة 2022 عرائض محامى عام أول استئناف اسكندرية، تتهمهم فيه بالتحريض على الرذيلة والفسق والفجور، وهو ما يؤكد على أن المجتمع المصرى يشهد عهدا جديدا فى التصدى لكل من يحاول العبث بالقيم الأسرية فى المجتمع التى تضرب بجذورها منذ قدم التاريخ.
اصطياد "العوام" على مواقع التواصل بحجة "المكياج والمساج"
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية، تتمثل فى كيفية تصدى المشرع المصرى لجريمة التعدى على القيم الأسرية خاصة إذا كان يقع ضمن الجرائم السيبرانية رقم 175 لسنة 2018، وكذا من خلال قانون العقوبات الذى واجه جريمة اصطياد العوام عبر شبكة التواصل، وذلك فى الوقت الذى بدأت فيه الحرب على فيديوهات التحريض على الفسق والفجور والإخلال بالقيم الأسرية التى يتم بثها على مواقع التواصل الاجتماعى للفيديوهات مثل - التيك توك وانستجرام - وغيرها من البرامج الأخرى.
من جانبه – يقول الخبير القانونى والمحامى أحمد فره – إن هؤلاء صنف من الشباب، مريضة قلوبهم، فاسدة طباعهم، سيئة أخلاقهم، يحبون أن تشيع الفاحشة، وتشتهر وتعم بين الناس، كما جاء بقول الحق سبحانه وتعالى بسورة النور "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، صدق الله العظيم، فقد تناسى أمثال هؤلاء ما ورد فى حديث النبى صل الله عليه وسلم: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء"، وهذا التناسى جاء بحجة انتقال العولمة بجميع تفاصيلها ببند حرية الرأى والتعبير، فضاعت بعولمتهم هوية الفرد، ومنه ضاعت الركائز الراسخة والأعراف بالاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية فى المجتمع.
3 قوانين تصدت للظاهرة الأبرز "تقنية المعلومات"
وبحسب "فره" في تصريح لـ"برلماني" - هذا الفعل على ما فيه من عقوبة إلهية وفتاوى علمية بتحريمه، فهو مناف أيضاً للفطرة السوية ومخالف لقواعد السلوك الاجتماعي وبرواز للعدوان والطغيان على إنسانية الإنسان، ومما يدمي القلب، ويشعله خوفا، هو تشجيع الفتيات وبعض الفتيان على هذا الفحش والفجور، بل والدعم المستمر الغريب المريب لهم، وتحول المتابعين إلى قطعان تهرف بما لا تعرف، وتنساق إلى مذابحهم في عقيدتهم وهويتهم وهي ضاحكة مستبشرة، فأصبحنا نعيش انتكاسة خطيرة مخالفة للفطرة نراها في هذا وذاك، نتيجة انحدار وسقوط يؤول بنا وبأولادنا إلى أضرار أخلاقية واجتماعية كثيرة، ما لا يمكن معه أن ينهض المجتمع بشكل صحيح، إذا انقلبت الأمور وفق هذا الاعوجاج الشنيع فيما بين الرجل والمرأة من تشبه كل منهما بالآخر .
وإزاء ظهور تلك الظاهرة لابد وأن يكون للقانون يد صارمة تضرب بسيف بتار على من ينتهك الآداب والحشمة العامة وقيم المجتمع، فكل شخص حر فى ممارسة حياته الجنسية والشخصية، ولكن في السر ودون علنية بما لا يؤذى الآخرين ويهز كيان المجتمع ويعصف بثوابته من خلال البث العام على عيون الناس، ونظرا لحداثة تلك الظاهرة، فإننا لا نرى نصا مباشرا يجرمها ولكن بإمعان النظر نلاحظ أن المشرع المصري احتاط منذ زمن فى قانون مكافحة الدعارة ووضع شبكة من التجريم التحوطى التى تمنع أفراد المجتمع من الانزلاق فى الخطيئة، كما أن قانون العقوبات رغم قدمه إلا أنه حوى نصوص يمكن أن تلاحق تلك الظاهرة.
العقوبة تصل للحبس 5 سنوات و300 ألف جنيه غرامة
ويضيف الخبير القانونى: جاء فى مطلع قانون الإجراءات المصرى فى المادة 25 على أنه: "لكل من علم بوقوع جريمة، يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب، أن يبلغ النيابة العامة"، ثم جاءت المادة 27 من ذات القانون على أنه: "لكل من يدعى حصول ضرر له من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية فى الشكوى التى يقدمها إلى النيابة العامة"، فقد وضع القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، عقوبات للجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع على شبكات الإنترنت، وتحدث ما يعرف بقانون الإنترنت عن هذا الجرم بما جاء بنص المادة 25 منه على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى أو انتهك حرمة الحياة الخاصة".
كما نصت المادة 26 من ذات القانون على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه"، وقد جاء بقانون العقوبات المصرى فى المادة 278 على أنه كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز 300 جنيه .
قانون العقوبات وقانون مكافحة الدعارة
كما نصت المادة 296 الفقرة الثالثة من ذات القانون على أنه: " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز 5 سنوات كل من قاد أو حرش أو أغرى بأى وسيلة ذكراً لارتكاب فعل اللواط أو الفجور"، كما نصت المادة 296 الفقرة الرابعة من ذات القانون على أنه: " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز 5 سنوات كل من حرض أو أغرى بأى وسيلة ذكرا أو أنثى لإتيان أفعال منافية للآداب أو غير مشروعة"، وأخيرا جاء بنص المادة 178 من ذات القانون على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر أو صنع..... إذا كانت خادشة للحياء العام".
وهناك حزمة من نصوص ومواد القانون تتصدى لمثل هذه الأفعال المشينة حيث أن المادة 269 مكررا عقوبات تعاقب كل من حرض المارة على الفسق بإشارات أو أقوال فى أى مكان مطروق وهو ما ينطبق على البث المشار عليه باصطياد عوام الناس المارين على شبكة التواصل الاجتماعى بحسبانها مكان مطروق، والمادة 278 من ذات القانون تعاقب كل من يرتكب فعلا مخلا بالحياء علنا بأحد طرق العلانية المنصوص عليها فى المادة 171 ومن ضمنها الإذاعة وهو ما ينطبق على البث من خلال مواقع التواصل الاجتماعى العامة، وأيضا قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لسنة 1961 إذ عاقب كل من حرض غيره على ممارسة الدعارة أو الفجور أو المساعدة عليهما أو تسهيلها لشخص ذكر أو أنثى.
تصدى محكمة النقض للأزمة
ولقد حددت محكمة النقض نطاق تطبيق نص قانون مكافحة الدعارة المشار إليه، فقضت بأن "لما كان القانون رقم 10 لسنة 1961 فيما تضمنه من أحكام مكافحة الدعارة قد نص فى مختلف مواده على جرائم شتى ميز كلاً منها من حيث نطاق تطبيقها وعناصرها وأركانها والغرض من العقاب عليها من الأخرى، وإن كانت فى عمومها تنقسم إلى طائفتين تتعلق الأولى بأفعال التحريض والتسهيل والمساعدة والمعاونة والاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة أو ما يلحقها من ظروف مشددة، وتنصرف الطائفة الثانية إلى أماكن إتيان تلك الأفعال".
ولقد نص القانون المذكور فى الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أن: "كل من حرض شخصاً ذكراً كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات وبغرامة من 100 جنيه إلى 300 جنيه"، وكان مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الأولى سالفة البيان أن الجرائم المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا فى حق من يحرض غيره على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو يسهل له هذا الفعل أو يساعده عليه فلا تقوم الجريمة إذا وقع الفعل من المحرض بغية ممارسته هو الفحشاء مع المحرض، وذلك طبقاَ للطعن رقم 4693 لسنة 66 جلسة 12 مايو 2003.
الخبير القانونى والمحامى أحمد فره