أصدرت محكمة النقض – حكما فى منتهى الأهمية – ببراءة متهم من إحراز 15 لفافة هيروين، مستندة على بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس، وتتصدى لشهادة مأمور الضبط القضائى منفردا بعدم الاعتداد بها واصفة إياه بـ "الإجراء الباطل"، ورسخت فيه لمبدأ قضائيا قالت فيه: "مجرد مشاهدة مأمور الضبط القضائى للمتهم الممسك بلفافة ورقية لا تكفى لقيام حالة التلبس ما دام لم يشهد أثرا من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها قبل إجراء القبض وفض تلك اللفافة".
الوقائع.. القبض على شخص بحيازته 15 لفافة هيروين
وقائع الطعن المقدم من المحامى بالنقض جورج أنطون والمقيد برقم 12631 لسنة 89 قضائية – تتحصل فى اتهام النيابة العامة الطاعن فى القضية رقم 427 لسنة 2019 جنايات قسم قصر النيل، بأنه فى يوم 14 من يناير سنة 2019 – بدائرة قسم قصر النيل – محافظة القاهرة، أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "الهيروين" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الورادين بأمر الإحالة.
محكمة الجنايات تقضى عليه بالسجن 6 سنوات
وفى تلك الأثناء – والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بجلسة 17 من أبريل سنة 2019 عملا بالمواد 1، 2، 38/1، 42/1 من القانون 182 لسنة 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 122 لسنة 1982، والبند رقم "2" من القسم من الجدول رقم "1" الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة والسكان رقم 46 لسنة 1997، بمعاقبة "إسماعيل. أ"، بالسجن المشدد لمدة 6 سنوات وغرامة 500 ألف جنيه عما هو منسوب إليه ومصادرة المخدر المضبوط، باعتبار أن حيازة المخدر بغير قصد من القصود المسماة فى القانون.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر مجردا من القصود المسماة فى القانون وفى غير الأحوال المصرح فى بها قانونا شابه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ذلك بأنه دانه رغم بطلان القبض والتفتيش إذ أن الضابط أجراهما قبل أن يتكشف له كنه المادة التى يحرزها الطاعن، بما تنتفى فى جانبه حالة التلبس بالجريمة وأطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش بناء على أنهما نما بعد استيقاف يبررهما بما ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه حال تفقد معاون مباحث قسم شرطة قصر النيل لحالة الأمن بدائرة القسم وردته معلومة تفيد حيازة وإحراز الطاعن للمواد المخدرة، فأنتقل إلى مكان تواجده وشاهده ممسكا بلفافة ورقية، فقام باستيقافه واستخلصها من يده ويفحصها تبين له أنها تحوى مسحوق الهيروين المخدر، وبتفتيشه عثر معه على كيس بلاستيك بداخله 15 لفافة أخرى تحوى على ذات المخدر، ثم عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس، ورفضه تأسيسا على أن المحكمة تطمئن إلى أن ما أتخذه مأمور الضبط القضائى فى ضبط اللفافة له ما يسوغه وهو وجود الطاعن طواعية واختيارا فى موضع الريبة والشبهة بإحرازه اللفافة الورقية فى تلك الظروف، مما ترى معه المحكمة أن من حق مأمور الضبط فضها واستيقاف الطاعن بما تتوافر به حالة التلبس.
"النقض" تبرئ شخص من تهمة حيازة 15 لفافة هيروين
لما كان ذلك – وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 المتعلق بضمان حريات المواطنين قد أجازتا لمأمور الضبط القضائى فى أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن 3 أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه، فإذا لم يكن حاضرا جاز للمأمور إصدار أمر ضبطه واحضاره، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم فى الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانونا، وكان من المقرر قانونا أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، مما يبيح للمأمور الذى شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجرى تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة وإن كان تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمرا موكولا إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التى تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها.
لما كان ذلك – وكانت صورة الواقعة كما حصلها الحكم المطعون فيه فى مدوناته التى سلف بيانها لا تتنبئ عن أن جريمة إحراز المخدر التى دين الطاعن بها كانت فى حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر فى المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية إذ أن مجرد مشاهدة مأمور الضبط القضائى للمتهم "الطاعن" الممسك بلفافة ورقية لا تكفى لقيام حالة التلبس ما دام لم يشهد أثرا من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها قبل إجراء القبض وفض تلك اللفافة، وكان البين من مدونات الحكم أن مأمور الضبط القضائى لم يتبين كنه ما تحتويه اللفافة التى كان ممسكا بها بيده إلا بعد القبض عليه وفضها بما يكون معه القبض والتفتيش قد وقعا باطلين، وليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم فى رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس من أن مشاهدة الضابط للطاعن ممسكا بلفافة ورقية بيده بالطريق هو حالة اشتباه تبرر استيقافه وضبطه وتفتيشه، إذ أن مجرد وقوف الطاعن بالطريق ممسكا بلفافة ورقية لا يوفر فى حقه حالة من حالات الاشتباه والريبة اللتين يبرران ما آتاه مأمور الضبط من قبض وتفتيش.
المحكمة تستند على بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس
ولما كان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه عدم التعويل فى الحكم بالإدانة على أى دليل مستمد منهما، وبالتالى فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى – حسبما حصلها الحكم المطعون فيه – وكما يبين من الأوراق لا يوجد فيها دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملا بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 ومصادرة المخدر المضبوط عملا بنص المادة 42 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها رقم 182 لسنة 1960 المعدل.