إيصالات الأمانة - أرشيفية
فى الآونة الأخيرة تكدست أمام المحاكم الجنائية والمدنية قضايا إيصالات الأمانة بصورة مروعة بعد انتشار التعامل بها بين الأفراد، فلم يعد هناك استغناء عنها خاصة بين صغار التجار والمستثمرين، ناهيك عن الأفراد المتعثرين، وأصبح من المألوف أن يطلب البائع أو التاجر من المشترى عند الشراء بالتقسيط التوقيع على إيصال أمانة على بياض، فيوافق الأخير على الفور، وهو لا يدرى أنه قد وقع فى الفخ عندما يتعثر فى السداد يكتب التاجر فى الإيصال مبالغ خيالية ويتهم الزبون بخيانة الأمانة، وبالطبع يصدر ضده حكم جنائى بالحبس فيدخل الرجل فى دوامة ويسارع إلى الشاكى ويرضخ لكل شروطه المجنونة حتى يتنازل له عن القضية.
وفى كثير من المعاملات المادية بين الناس يكون هناك شخص "دائن" له أموال لدى شحص أخر "مدين"، يكتب عليه وصل أمانة، وفى الغالب "المدين" يمضى على وصل الأمانة على بياض مضطرا، ويكون مثلا "الدائن" قام بتمضية "المدين" فى شهر يناير ويتفق معه على أن المبلغ المطالب بسداده لابد من رده له فى آخر العام فى شهر ديسمبر، ويأتى أخر العام ويتقاعس الشخص المديون عن السداد، فيقوم الدائن بملأ وصل الأمانة ويذهب الدائن أو محاميه لقسم الشرطة لتحرير محضر ويذهب المحضر للنيابة، ومن ثم تقيد كجنحة خيانة أمانة.
لملايين المتعاملين.. خطورة إيصال الأمانة على بياض وأهم عيوبه
فى التقرير التالى، يلقى "برلمانى" الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية يتم عرضها من خلال حزمة من الأسئلة والإجابة عليها أبرزها.. هل كتابة إيصال أمانة على بياض يعد قانونى؟ وهل المشترى فعلا يكون قد ارتكب جريمة خيانة الأمانة بمجرد توقيعه الإيصال رغم أنه لم يتسلم فعليا القيمة الواردة فيه على سبيل الأمانة؟ وهل التوقيع على بياض يعطى الحق للمستفيد من الإيصال فى وضع أى قيمة فيه دون أى مسئولية قانونية تقع عليه؟ حيث تظهر المشكلة فيما بعد، أمام ساحة المحكمة، الطرف الثانى وهو المدين الذى يصبح متهما بعد ذلك – بحسب الخبير القانونى والمحامى محمد عبد الرحمن الشريف.
هل كتابة إيصال أمانة على بياض يعد قانونى؟
فى البداية - كثير منا يعتقد أنه فى حالة أخذ إيصال أمانة على بياض من شخص معين أنه بذلك الإجراء ضمن حقه، ولكنه لا يعرف أنه بذلك يعرض نفسه لمشكلتين رئيسيتين كالتالى – وفقا لـ"الشريف":
أولا: أن ممكن الشخص الذى كتب الإيصال يحصل على البراءة لانتفاء ركن التسليم وبذلك يسقط الشق الجنائى لإيصال الأمانة.
ثانيا: أنك فى حالة ملء بيانات الإيصال بمعرفتك فى وقت لاحق على توقيع المدين على الإيصال ممكن يعرضك للمساءلة القانونية بجريمة خيانة الائتمان، طبقا للمادة 340 من قانون العقوبات، وبدلاَ من أن تكون صاحب حق ستصبح متهم فى قضية، لذلك عند كتابة إيصال أمانة على شخص يجب أن يتم كتابة كافة بيانات الإيصال بخط المدين وعدم إضافة أى بيان لاحق.
الإجراءات القانونية التى يجب عليك اتخاذها حين التوقيع على إيصال أمانة
إن توقيع إيصال الأمانة على بياض لا يعنى ثبوت أهم أركان جريمة التبديد أو خيانة الأمانة وهو تسليم المجنى عليه قيمة الإيصال للمتهم، وبذلك ينعدم الركن المادى للجريمة من الأساس وكذلك القصد الجنائى ويمكن إثبات أن التوقيع كان على بياض من خلال تقرير الطب الشرعى فى حالة الطعن بالتزوير فى صلب الإيصال حين ينتهى التقرير إلى أن الصلب قد تحرر بتاريخ لاحق على التوقيع وهذا ما يقطع بأن التوقيع كان على بياض، ومن ثم يثبت عدم استلام المتهم مبلغ الإيصال حال توقيعه وهو ما ينعدم معه الركن المادى للجريمة – الكلام لـ"الشريف".
كذلك فإن واقعة التسليم واقعة مادية يمكنها إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها الشهود، فيمكن أمام المحكمة أن يطلب المتهم إحالة الدعوى للتحقيق وسماع شهادة الشهود أو الدفع بانتفاء التسليم وهو رفع موضوعى جوهرى يجب على المحكمة أن ترده عليه بما يفنده أن لم تأخذ به فى حكمها أو تقضى بالبراءة إذا اطمأنت لانتفاء التسليم.
خطورة ملء الإيصال بمبلغ آخر غير المتفق عليه
ويوضح الخبير القانونى: فى حالة إيصال الأمانة عندما يحرر الشاكى فى إيصال الأمانة الموقع على بياض بخلاف المبلغ المتفق عليه مع المتهم، فإن ذلك يشكل جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها فى المادة 340 عقوبات ضد الشاكى نفسه، لأنه قبل على ملء الإيصال بمبلغ معين فخان هذا الاتفاق أى خان الأمانة، وأثبت مبلغ آخر خلاف المتفق عليه ويكون على المتهم الدفع أمام المحكمة بأنه لم يتسلم المبلغ الثابت فى هذا الإيصال ويطلب سماع شهود، وفى هذه الحالة لا يجوز للمحكمة أن تحجب نفسها عن مناقشة أقوال الشهود وبيان دلالتها فى نفى جريمة خيانة الأمانة، لأن واقعة الاختلاس واقعة مادية يجوز إثباتها ونفيها بكافة طرق الإثبات فإذا حجبت المحكمة نفسها ولم تسمع الشهود كان حكمها مشوباً بالإخلال بحق الدفاع.
رأى محكمة النقض فى الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل هذه الأزمة فى الطعنين المقيدين برقم 116 لسنة 26 قضائية، و100 لسنة 8 قضائية، حيث ذكرت فى حيثيات الحكم كذلك إذا أثار دفاع المتهم أمام المحكمة وجود حساب موضوعى وكان له ما يبرره من ظروف الدعوى فعلى المحكمة أن تقوم بفحص الحساب وتصفيته حتى تستطيع أن تفصل فى موضوع الجنحة بالبراءة أو الإدانة.
خطة الحصول على البراءة فى إيصال الأمانة
لو المحامى يركز فى هذه النوعية من القضايا هياخد براءة لموكله بأسهل وأيسر طريق، لاعتبارات كثيرة أبرزها:
أولا: الدفع بمدنية العلاقة وعدم اختصاص المحكمة بنظرها لأن مكانها أمام المحكمة المدنية وليس محكمة الجنح.
ثانيا: الاختلاف بين زمن وتوقيت الإمضاء وزمن وتوقيت ملأ صلب الإيصال، وسيطلب تحويلها للخبير، الذى بسهولة جداً سييثبت اختلاف التوقيت، ومن ثم سيكون تقرير الخبير فى صالح المتهم وهو المدين أصلا، وبعد ذلك بنسبة كبيرة جدا يحصل على براءة.
ولعل الكثير يسأل ويقول أن جنح كثيرة أخذت أحكام بإيصالات أمانة كانت ممضية على بياض، والاجابة هنا تكون لو إيصال الأمانة كان بنفس الشكل السابق ذكره، والقاضى أعطى حكم، فهذا لا يخلو من افتراضين:
الافتراض الأول: أن هذا الحكم صدر غيابى.
الافتراض الثانى: إن المحامى الحاضر عن المتهم لم يذكر الدفوع التى ذكرناها.
النصائح الواجب اتباعها كـ"دائن" عندما أقوم بأخذ إيصال أمانة على شخص لكى يكون الإيصال سليم ولا يوجد به ثغرات فى صحة توقيع، واكون مطمئن لو "المدين" تعثر وقمت بتحرير محضر وجنحة بإيصال الأمانة:
النصيحة الأولى:
أ- وصل الأمانة يتكون من ثلاثة أطراف وقانونا لة ثلاث أركان هم "المسلم" و"المستلم" و"المستفيد"، ولكى يكون إيصال الأمانة صحيح ولا يوجد فيه أى ثغرات لازم يكون مكتوب فيه الثلاثة وقت ما يمضى المدين على إيصال الأمانة، يعنى تذكر فى الإيصال إن شخص استلم من شخص ثانى مبلغ وقدره كذا، وذلك على سبيل الأمانة لتسليمه إلى شخص ثالث، الشخص الأول ده هو المستلم المدين الذى اخذ الفلوس، والشخص الثانى هو المسلم الدائن صاحب الفلوس، أما الشخص الثالث المستفيد فيكون شخص من المفترض موثوق فيه لدى الدائن، لأنه سيتذكر اسمه فى إيصال الأمانة، ولكى يكون إيصال الأمانة صحيح ولا يوجد فيه ثغرة لازم يكون فيه ركن التسليم جائز التحقيق، ولن يكون جائز التحقيق غير لما يكون فيه طرف ثالث المفروض يستلم المبلغ، وبذلك لكى يكون إيصال الأمانة مكتمل الاركان ولا يوجد فيه ثغرة.
ب- يكون فيه طرف ثالث "مستفيد" فى إيصال الأمانة.
ج- ويكون توقيت كتابة إيصال الأمانة هو نفسه توقيت توقيع أو بصمة المدين.
النصيحة الثانية :
لا نكتب فى إيصال الأمانة تاريخ يعنى لا تكتب تم تحريره فى كذا، لكى لا ندخل فى جدل هل الدعوى الجنائية بتنقضى بمرور ثلاث سنوات من تاريخ طلب الإيصال ولا من تاريخ تحريره، فيفضل عدم كتابة تاريخ تحريره.
النصيحة الثالثة :
لابد من التأكد من عنوان ومحل إقامة صاحب التوقيع، ونأخذ بالنا من تاريخ البطاقة، لأن ممكن تكون منتهية، وتم تغيير محل للإقامة الموجود فى البطاقة .
النصيحة الرابعة :
لابد أن يكون التوقيع المدين وأسمه بشكل طبيعى وواضح، وضمانا بشكل أكبر من الممكن تأخذ بصمته بجوار التوقيع.
طرح مشاكل إيصال الأمانة والدفوع
المادة 340: "كل من اؤتمن على ورقة ممضاه او مختومة على بياض فخان الأمانة وكتب فى البياض الذى فوق الختم او الامضاء سند دين او مخالصة او غير ذلك من السندات والتمسكات التى يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الامضاء او الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن ان يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا، وفى حالة ما اذا لم تكن الورقة الممضاه او المختومة على بياض مسلمة الى الخائن وانما استحصل عليها بأى طريقة كانت فانه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير".
ما الدفوع التى يجب على المتهم إثارتها أمام المحكمة فى جريمة خيانة الأمانة للدفاع عن نفسه؟
توقيع إيصال الأمانة على بياض لا يعنى ثبوت أهم أركان جريمة التبديد أو خيانة الأمانة وهو تسليم المجنى عليه قيمة الإيصال للمتهم، وبذلك ينعدم الركن المادى للجريمة من الاساس وكذلك القصد الجنائى ويمكن اثبات أن التوقيع كان على بياض من خلال تقرير الطب الشرعى فى حالة الطعن بالتزوير فى صلب الإيصال حين ينتهى التقرير إلى أن الصلب قد تحرر بتاريخ لاحق على التوقيع وهذا ما يقطع بأن التوقيع كان على بياض ومن ثم يثبت عدم استلام المتهم مبلغ الإيصال حال توقيعه وهو ما ينعدم معه الركن المادى للجريمة كذلك فإن واقعة التسليم واقعة مادية يمكنها اثباتها بكافة طرق الاثبات ومنها الشهود فيمكن أمام المحكمة أن يطلب المتهم احالة الدعوى للتحقيق وسماع شهادة الشهود أو الدفع بإنتفاء التسليم وهو رفع موضوعى جوهرى يجب على المحكمة أن ترده عليه بما يفنده إن لم تأخذ به فى حكمها أو تقضى بالبراءة إذا اطمأنت لانتفاء التسليم.
ولا تقوم جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها فى المادة 341 عقوبات والتى يعاقب مرتكبها بالحبس ويجوز أن يزاد عليها غرامة لا تتجاوز المائة جنيه إلا إذا كان تسلم الجانى للمبالغ أو الأمتعة أو البضائع أو النقود أو التذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك بمقتضى احد العقود الواردة على سبيل الحصر وهى الوديعة والاجارة وعارية الاستعمال والرهن والوكالة بأجرة أو مجاناً، أما إذا كان تسلم الشيء بمقتضى عقد آخر لم يرد فى المادة المذكورة كعقد القرض فلا تتوافر جريمة خيانة الأمانة فى هذه الحالة وتكون الواقعة بمنأى عن التجريم.
العبرة بثبوت تسلم الجانى المال موضوع الجريمة على سبيل الأمانة هو بحقيقة الواقع وليس بما هو ثابت بإيصال الأمانة فاذا ثبت ما يخالفه.. إذ لا يصح- تأثيم انسان ولو بناء على اعترافه بلسانه أو بكتابته متى كان ذلك مخالف للحقيقة ويجوز إثبات السبب الحقيقى لتسلم المتهم للمال بأى وسيلة من وسائل الاثبات لان الاتفاق على جعل سبب الدين أمانة بالمخالفة للحقيقة مخالف للقانون لأنه اتفاق على ترتيب عقوبات جنائية فى حالة الاخلال بتنفيذ التزامات مدنية غير المنصوص عليها فى المادة 341 عقوبات.
أمثلة لإيصالات الأمانة
أمثلة كثيرة لإيصالات أمانة على غيرالحقيقة وتخفى عقوداً أخرى فقد يقترض شخص من آخر مبلغ من المال ويرغب الدائن فى ترهيب المدين حتى يسدد المبلغ فى الموعد المحدد للسداد فيثبت بالإيصال انه سلمه هذا المبلغ لتوصيله إلى آخر كما قد يلجأ بعض التجار فى حالة البيع الآجل إلى الحصول من المشترى على إيصال أمانة بالثمن أو بما يزيد عليه، كذلك بعض أصحاب العمل يحصلون على إيصال أمانة على العمل لديهم لضمان استمرارهم فى خدمتهم، فى كل هذه الصور وما شابهها يحق للموقع على إيصال الأمانة أن يثبت بكافة طرق الاثبات بما فيها القرائن أن الإيصال ليس فى حقيقته عقد أمانة وإنما يعتد به كشيء آخر لا يندرج ضمن عقود الأمانة.
الحبس مع الشغل
هناك صورة خاصة من خيانة الأمانة نصت عليها المادة 340 من قانون العقوبات وهى الحالة التى يؤتمن فيها شخص على ورقة ممضاة أو مختومة على بياض فيخون الأمانة بان يكتب فى الإيصال سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السندات التى يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الامضاء أو الختم أو لماله.. وفى حالة ما اذا كانت الورقة الممضاة أو المختومة على بياض ليست مسلمة إلى الخائن وانما استحصل عليها بأى طريقة كانت فانه يعد مزوراً ويعاقب بعقوبة التزوير وهى فى المحررات العرفية هى الحبس مع الشغل أى الحبس الذى لا تزيد مدته على ثلاث سنوات مادة "215 عقوبات".
أركان الجريمة
وجرم المشرع المصرى خيانة الأمانة لجريمة مستقلة وفقاً للمادة 341 عقوبات كما ألحق بها عدد من الجرائم الأخرى مثل النصب والسرقة فهى جرائم استيلاء على المال من الغير دون العقارات وأهم أركان جريمة التبديد تسليم المال إلى الجانى بعقد من عقود الأمانة فاذا لم يكن التسليم قد تم على سبيل الأمانة تختفى الجريمة فى حق المتهم، والتسليم المقصود هنا هو عقد ناقل للحيازة المؤقتة والالتزام برد الشيء إلى مالكه ان آجلا أو عاجلا، وعقود الأمانة المشار اليها فى المادة 341 عقوبات هى الوديعة أو الاجارة أو عارية الاستعمال أو الرهن أو الوكالة وهذه العقود واردة على سبيل الحصر لا المثال فلا محل للتوسع فيها أو للقياس عليها نقض "س 21 ق رقم 81" والمقصود بالاختلاس المؤثم فى هذه المادة هو تحويل الشيء من وجهته واضافته إلى ملك حائزة دون ان يخرج من حيازته ومثال ذلك ان يؤتمن الجانى على ملابس لكيها فيستولى عليها لنفسه أو على ساعة لاصلاحها فينكرها ويرفض ردها اليه، ويشترط لتوافر الجريمة حدوث ضرر لمالك الشيء والقصد الجنائى لدى الجانى.
الإيصال على بياض
أما فى حالة إيصال الأمانة عندما يحرر الشاكى فى إيصال الأمانة الموقع على بياض بخلاف المبلغ المتفق عليه مع المتهم فإن ذلك يشكل جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها فى المادة 340 عقوبات ضد الشاكى نفسه لانه قبل على ملء الإيصال بمبلغ معين فخان هذا الاتفاق أى خان الأمانة واثبت مبلغ آخر خلاف المتفق عليه ويكون على المتهم الدفع أمام المحكمة بأنه لم يتسلم المبلغ الثابت فى هذا الإيصال ويطلب سماع شهود وفى هذه الحالة لا يجوز للمحكمة ان تحجب نفسها عن مناقشة أقوال الشهود وبيان دلالتها فى نفى جريمةخيانة الأمانة لان واقعة الاختلاس واقعة مادية يجوز اثباتها ونفيها بكافة طرق الاثبات فاذا حجبت المحكمة نفسها ولم تسمع الشهود كان حكمها مشوباً بالاخلال بحق الدفاع - طعن رقم 116 س 26 قضائية محكمة النقض - كذلك إذا أثار دفاع المتهم أمام المحكمة وجود حساب موضوعى وكان له ما يبرره من ظروف الدعوى فعلى المحكمة ان تقوم بفحص الحساب وتصفيته حتى تستطيع ان تفصل فى موضوع الجنحة بالبراءة أو الادانة "طعن رقم 100 لسنة 8 ق".
البيع بالتقسيط
وانتشرت ظاهرة البيع بالتقسيط ويصاحبها حصول البائع على إيصالات أمانة على بياض كضمان للسداد وعند تعثر المشترى فى الدفع يقوم التاجر بملئها بمبالغ أكثرمن المستحق له وهذا ما يعرض المشترى لصدور حكم جنائى ضده بالحبس، هنا يتعين على الأخير أن يدفع أمام المحكمة ان هذه المبالغ الواردة فى إيصال الأمانة لم تسلم اليه بموجب عقد من عقود الأمانة وانما حرر الإيصال على بياض لضمان حصول التاجر على ثمن البضاعة وبالتالى لا تتوافر فى هذا الإيصال أركان جريمة خيانة الأمانة ولا يكون المتهم مسئولا حين قام بتحرير الإيصال بقيمة بخلاف المبالغ المستحقة له والمتفق عليها بينهما. أى ارتكب جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها المادة 340 عقوبات.
القطاع الخاص
كما انتشر فى القطاع الخاص حصول صاحب العمل على إيصال أمانة موقع عليه من العمل على إيصال أمانة موقع عليه من العامل بياض وقت التحاقه بالعمل لديه بل قد يحرر أكثر من إيصال ليضمن رب العمل بقاء العامل لديه للمدة التى يرغبها، فإذا ترك العامل العمل لديه دون موافقة صاحب العمل تقدم الأخير بإيصال الأمانة الموجود لديه بعد تحريره بمبلغ كبير ضد العامل ويجعل المستفيد من الإيصال شخص آخر غيره وهنا يجب على المتهم الطعن على هذا الإيصال بانتفاء واقعة التسليم، وبأنه لا تربطه مع صاحب العمل علاقة مالية أو تجارية سوى علاقة العمل لديه ويطلب احالة الدعوى إلى التحقيق لسماع شهوده وهم زملاؤه فى العمل الذين يوقعون مثله على إيصالات أمانة وقت التحاقهم فى العمل.
وننصح الشباب راغبى الالتحاق بأى وظيفة بعدم توقيع إيصالات أمانة على بياض مهما كانت الظروف لصاحب العمل، وإذا اضطروا لتحرير مثل هذه الإيصالات فعليهم التوجه إلى قسم الشرطة فى نفس اليوم لتحرير محضر بالواقعة وسماع شهادة الشهود الذين يؤكدون صحة أقوالهم - محضر اثبات حالة - ويحصلون على صورة رسمية من هذا المحضر يحتفظون بها لديهم تكون سنداً لهم فى حال لجوء صاحب العمل لاستعمال هذه الإيصالات ضدهم لتثبت انتفاء ركن التسليم فى حقهم وبالتالى عدم توافر أركان جريمة خيانة الأمانة.
حكم نقض: إيصال الأمانة الموقع على بياض لا يصلح لإثبات المديونية
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لهذه الأزمة فى العديد من الوقائع، أبرزها الطعن المقيد برقم 19624 لسنة 88 قضائية، حيث ذكرت فى حيثيات الحكم: " إيصال الأمانة الموقع على بياض لا يصلح لإثبات المديونية، ولا يدل بذاته على صحة وجدية سبب الالتزام ولا يصلح دليلاَ على نفى صوريته"، وذلك على الرغم من أن العديد من الأحكام القضائية تُقر بصحة التوقيع على بياض باعتباره يكسب البيانات الموقع عليها حجية الورقة العرفية.
ذكر سبب الالتزام فى سند الدين لا يحول بين المدين وإثبات صورية هذا السبب
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أن هذا النعى فى محله – ذلك بأنه لما كان مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 137 من التقنين المدنى أن ذكر سبب الالتزام فى سند الدين لا يحول بين المدين وإثبات صورية هذا السبب، فإذا أقام الدليل على صوريته وأن السبب الحقيقى هو تحريره كضمان لتنفيذ إلتزام معين، وكان تحرير السند كضمان يتوافر به السبب فى وجوده ومشروعيته فإن براءة ذمة المدين من قيمة هذا السند ضماناَ للوفاء به، وكانت السلطة التامة لمحكمة الموضوع فى تقدير أقوال الشهود مشروطة بألا تصرفها عن مؤداها الواضح الذى يقع عليه الفهم دون حاجة إلى اجتهاد أو تنحرف بها عن مفهومها المتبادر منها.
إيصال الأمانة حرره كضمان لتنفيذ التزامه بنقل حيازة الأرض الزراعية
لما كان ذلك – وكان الواقع فى الدعوى أن المطعون ضد قد أقامها بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 340 ألف جنية والفوائد تأسيساَ على أنه بموجب الإيصال موضوع النزاع تسلم منه هذا المبلغ لتوصيله إلى أخر فلم يؤده إليه، وكان الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الاستئناف بصورية سبب الالتزام المذكور فى الإيصال وبأنه حرره كضمان لتنفيذ التزامه بنقل حيازة الأرض الزراعية مملوكة له إلى المطعون ضده نفاذا لعقد المقايضة المبرم بينهما، فأحالت المحكمة الدعوى للتحقيق ليثبت الطاعن دفاعه المتقدم، وبعد أن استمعت إلى أقوال الشهود استخلصت من أقوال شاهدى الطاعن أن تسليم الإيصال سند الدعوى المطعون ضده كان اختياريا وأن توقيعه من الطاعن على بياض يُعد بمثابة تفويض للمطعون ضده بملء بياناته، ورتبت على ذلك تأييد الحكم المستأنف بإلزام الطاعن المبلغ المقضى به متخذة من أقوال الشاهدين دعامة أساسية لقضائها.
الحيثيات: لا يصلح دليلاَ على نفى صوريته
وكانت أقوال الشهود تفيد فى غير لبس أو إبهام صورية سبب الالتزام الوارد بهذا الإيصال وتفصح عن أن السبب الحقيقى لصدوره كضمان لتنفيذ الالتزام المذكور فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صرف تلك الأقوال عن مؤداها الواضح الذى يقع عليه الفهم بغير اجتهاد وانحراف عن مفهومها المتبادر منها، فضلاَ عن أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بشأن التسليم الاختيارى للإيصال موضوع الدعوى للمطعون ضده – أياَ كان وجه الرأى فيه – لا يدل بذاته على صحة وجدية سبب الالتزام ولا يصلح دليلاَ على نفى صوريته فإنه يكون معيباَ بالفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه.
